تعدّ السعودية واحدة من الدول الرائدة في التحول الرقمي وتطوير الخدمات الحكومية لتحقيق تسهيل عمليات المعاملات المدنية للمواطنين والمقيمين على حد السواء. ومن بين الجهود الكبيرة المبذولة في هذا الاتجاه، يأتي إطلاق نظام المعاملات المدنية الجديد الذي يهدف إلى تحديث وتحسين تجربة المستخدم في الحصول على الخدمات القانونية المختلفة.
تُعدّ العقود المسماة من أهمّ ركائز النظام القانوني في المملكة العربية السعودية، فهي تُنظم العلاقات التعاقدية بين الأفراد وتضمن سير المعاملات التجارية والمدنية بِعدالةٍ وفعالية.
يُعرف نظام المعاملات المدنية السعودي العقود المسماة على أنّها عقودٌ حددها النظام وبيّن شروطها وأحكامها، وذلك لِما لها من أهميةٍ بالغةٍ في حياة الأفراد والمجتمع.
المحتويات
لائحة نظام المعاملات المدنية
تتضمن لائحة نظام المعاملات المدنية السعودي مجموعة من القواعد المنظمة للمعاملات المدنية، حيث يهدف إلى توضيح حقوق الأفراد وأحكام الالتزام والعقود، كذلك كيفية حماية الحقوق العينية والشخصية، كما أن النظام يشمل قواعد دقيقة لتفسير العقود بناءً على المقاصد والمعاني، وليس فقط على الألفاظ، مما يساهم في تحقيق العدالة بين الأطراف المعنية، وأيضًا يشتمل على مبدأ الأمور بمقاصدها ليكون الأساس في العقود.
كذلك يشير النظام إلى أن العادة محكمة مما يعني أن الأعراف المعترف بها تُعد مرجعًا في تفسير النصوص عند عدم وجود نص واضح، أيضًا يشتمل على مبادئ مثل اليقين لا يزول بالشك، مما يضمن بقاء الأصل ما لم يظهر دليل ينافيه، جدير بالذكر أن النظام يولي أهمية لدرء المفاسد وتقديم المصلحة العامة إلى جانب توضيح مبدأ دفع الضرر الأشد بضرر أخف.
شرح نظام المعاملات المدنية السعودي
نظام المعاملات المدنية السعودي هو مجموعة من القوانين التي تنظم العلاقات بين الأفراد والكيانات القانونية في المملكة العربية السعودية، حيث يهدف النظام إلى تنظيم الحقوق والالتزامات بين الأطراف بشكل يضمن العدالة، وحماية الحقوق، وأيضًا توفير آلية لحل النزاعات بطريقة قانونية منظمة.
كما يشمل النظام تنظيم حقوق الأشخاص في المجتمع، بما في ذلك حقوق الملكية، والأموال، وأنواع الحقوق الشخصية والعينية، أيضًا يعالج كيفية انتقال الحقوق والالتزامات بين الأفراد، وهو ما يعني أن النظام يحدد الآلية التي يتم من خلالها انتقال الحق أو الالتزام من طرف لآخر بناءً على اتفاقيات أو ظروف معينة.
كما يعالج النظام قضايا العقود بأنواعها المختلفة ويحدد شروط إبرام العقود القانونية وآثارها على الأطراف، ويولي النظام أهمية خاصة لفهم الضرر الذي قد ينتج عن الأفعال غير القانونية، وكيفية تعويض الأطراف المتضررة، كذلك تتضمن القواعد الكلية التي تحكم هذا النظام بعض المبادئ الأساسية مثل العبرة في العقود بالمقاصد لا بالألفاظ.
أيضًا يحدد النظام آلية انقضاء الالتزامات ما يعني كيفية إنهاء أو انتهاء الالتزام القانوني بين الأطراف عند استيفاء الشروط المتفق عليها أو بسبب القوة القاهرة أو الخلل في التنفيذ.
نظام المعاملات المدنية هيئة الخبراء
يتضمن نظام المعاملات المدنية هيئة الخبراء عدة أبواب رئيسية توضح الأسس والمعايير القانونية في المعاملات المدنية، وسوف نوضح هذه الأبواب مع الإشارة إلى أرقام المواد بشكل مفصل فيما يلي:
- أولًا تناولت المواد من 1 إلى 100 القواعد المتعلقة بالأشخاص من حيث أهليتهم القانونية وأحكام الحقوق المرتبطة بهم، إلى جانب تقسيم الأموال إلى أنواعها المختلفة وتنظيم كيفية التعامل معها.
- كما شملت المواد من 101 إلى 300 الحقوق الشخصية وأحكام الالتزام الناشئ عن العقود أو الأعمال القانونية، وتفاصيل التزامات الأطراف، كما تحدد هذه المواد شروط الالتزام، والأوصاف العارضة عليه، وكيفية انتقاله أو انقضائه.
- بينما المواد من 301 إلى 500 تركز على شروط انعقاد العقود، وأحكام العقود المتبادلة، وأهمية تفسير العقود بناءً على المقاصد والمعاني، وأساسيات التعامل بالعقد المبرم.
- كذلك خصصت المواد من 501 إلى 600 لأسس التعويض وشروط تحقق الضرر وتقدير التعويض، بما يكفل إزالة الضرر أو تخفيفه وفق النظام.
- إضافة إلى أن المواد من 701 إلى 750 تنظم الحقوق العينية التبعية، مثل حقوق الرهن وحقوق الانتفاع بالمال، وسبل تطبيقها وفقًا للنصوص النظامية الخاصة بها.
- علاوة على أن المادة 720 أوضحت أهمية العمل بالنظام وفق القواعد الكلية، وتضمن الفصل الأول من الأحكام الختامية في المادة 720 تطبيق قواعد أساسية تشمل 41 قاعدة من أبرزهم “الأمور بمقاصدها” وأيضًا “العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني”، إضافة إلى مبادئ أخرى من أبرزها “الضرر يزال” وأيضًا “المشقة تجلب التيسير”.
- جدير بالذكر أن المادة 721 حددت أن النظام يدخل حيز التنفيذ بعد مرور 180 يومًا من نشره، مما يتيح فترة كافية للاستعداد لتطبيق الأحكام الجديدة ويلغي كافة الأحكام المتعارضة معه لضمان اتساق تطبيق القواعد القانونية.
جدير بالذكر أن هذا النظام يؤكد على أهمية تنظيم المعاملات المدنية وتوضيح الالتزامات المتبادلة، بما يعزز الأمن القانوني وحفظ حقوق الأطراف.
نظام المعاملات المدنية الجديد
نظام المعاملات المدنية الجديد في المملكة العربية السعودية هو نظام تم إقراره بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 29/11/1444هـ، وبدأ العمل به في 01/12/1444هـ. ويهدف النظام إلى إعادة تنظيم المعاملات المدنية في المملكة، حيث يحكم العلاقات المدنية بين الأفراد، وينظم العقود فيما بين الأشخاص، ويحد من حالات المنازعات بينهم، ويقلل أمد الفصل في الخصومات. يتكون النظام من 721 مادة، ويشمل أحكام تحدد كل ما يتعلق بالعقود كأركان العقد، وحجيته، وآثاره بين المتعاقدين، والأحكام المتعلقة ببطلانه وفسخه. يحتوي النظام على أحكام تنظم حقوق الأشخاص سواء كاملي الأهلية، أو عديمي وناقصي الأهلية، والعقود فيما بين الأشخاص، والحقوق الشخصية، والالتزامات، والضرر والتعويض، والأوصاف العارضة على الالتزام، وانتقال الالتزام، وانقضاء الالتزام، وأحكام ختامية، وقواعد كلية.
يتناول مجموعة من الموضوعات المهمة في مجال المعاملات المدنية، منها:
- الأهلية والأهلية القانونية.
- العقود والإبراء.
- الالتزامات والضمانات.
- المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية.
- العقود المسماة.
مميزات نظام المعاملات المدنية الجديد
ومن أهم مميزات نظام المعاملات المدنية الجديد:
- شموله لأهم القواعد الأصولية التي تحكم المعاملات المدنية، وذلك في المادة 720، والتي تتلخص في 41 قاعدة.
- تبسيط الإجراءات والأحكام، بما يسهل على المتقاضين الوصول إلى العدالة.
- تعزيز دور القضاء في حماية الحقوق والحريات.
وبشكل عام، فإن نظام المعاملات المدنية الجديد يُعد خطوة مهمة في تطوير الأنظمة في المملكة العربية السعودية، ويهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة وحماية الحقوق والحريات.
اقرأ أيضًا: مميزات نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد
أقسام نظام المعاملات المدنية الجديد
يتكون نظام المعاملات المدنية الجديد في السعودية من ثلاثة أقسام رئيسية، وهي:
القسم الأول: الأحكام العامة
يتناول هذا القسم الأحكام العامة التي تحكم المعاملات المدنية، مثل:
- تعريف الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري.
- أهلية الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري.
- الحقوق والالتزامات.
- مصادر الحقوق والالتزامات.
- انتقال الحقوق والالتزامات.
- انقضاء الحقوق والالتزامات.
القسم الثاني: العقود المسماة
يتناول هذا القسم العقود المسماة، وهي العقود التي حددتها الشريعة الإسلامية أو العرف، مثل:
- عقد البيع.
- عقد الإيجار.
- عقد الهبة.
- عقد الصلح.
القسم الثالث: الحقوق العينية
يتناول هذا القسم الحقوق العينية، وهي الحقوق التي تتعلق بالعقارات والمنقولات، مثل:
- حق الملكية.
- حق الانتفاع.
- حق الاستعمال.
- حق السكنى.
- حق الارتفاق.
أحكام متفرقة أخرى
بالإضافة إلى هذه الأقسام الثلاثة، يتضمن النظام مجموعة من المواد التي تتناول أحكامًا متفرقة، مثل:
- أحكام الشهادة.
- أحكام الإثبات.
- أحكام الدعوى.
- أحكام التنفيذ.
ويهدف نظام المعاملات المدنية الجديد إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، منها:
- تنظيم المعاملات المدنية بين الأفراد في المملكة العربية السعودية.
- حماية حقوق الأفراد.
- تحقيق العدالة بين الأطراف.
- تشجيع الاستثمار وتنمية الاقتصاد.
- تسهيل الإجراءات القانونية وتحقيق السرعة في الفصل في المنازعات.
- تعزيز الشفافية وضمان حسن سير العدالة.
اقرأ أيضًا: العقود في نظام المعاملات المدنية
العقود المسماة التي يشملها نظام المعاملات المدنية الجديد
في النظام السعودي، يشمل نظام المعاملات المدنية عدة أنواع من العقود المسماة وتنقسم العقود المسماة إلى العقود الواردة علي الملكية، العقود الواردة على المنفعة، العقود الواردة على العمل
أولاً: العقود الواردة على الملكية
- عقد البيع: يتم بموجبه تنازل البائع عن ملكية شيء معين للمشتري مقابل مبلغ محدد من المال.
- عقد المقايضة: عقد مبادلة مالٍ بمالٍ على سبيل التمليك ليس أي منهما نقدًا.
- عقد الهبة: عقد يُملِّكُ بمقتضاه الواهبُ حال حياته الموهوب له مالًا دون عوض.
- عقد القرض: عقد يُمَلِّكُ بمقتضاه المقرِضُ شيئًا مثليًّا للمقترض على أن يرد مثله.
- عقد الصلح: عقدٌ يحسم بمقتضاه المتصالحان نزاعًا قائمًا أو يتوقيان نزاعًا محتملًا، بأن ينزل كلٌّ منهما على وجه التَّقابل عن مُطالبته أو جزءٍ منها.
- عقد المسابقة: عقدٌ يلتزم بمقتضاه شخصٌ ببذل جُعلٍ لمن يفوز في سباقٍ يتوقف الفوز فيه على عمل المتسابق.
ثانياً: العقود الواردة على المنفعة
- عقد الإيجار: عقد يُمَكِّنُ بمقتضاه المؤجر المستأجر من الانتفاع مدةً معينةً بشيءٍ غير قابل للاستهلاك مقابل أجرةٍ.
- عقد الإعارة: عقد يمكِّن بمقتضاه المعيرُ المستعيرَ من الانتفاع بشيءٍ غير قابل للاستهلاك مدةً معينةً أو لغرضٍ معينٍ دون عوضٍ على أن يرده.
ثالثاً: العقود الواردة على العمل
- عقد المقاولة: عقدٌ يلتزم بمقتضاه المقاول بصنع شيءٍ أو أداء عملٍ مقابل أجر دون أن يكون تابعًا لصاحب العمل ولا نائبًا عنه.
- عقد العمل: تعاقد عقد يربط بين صاحب العمل مع العامل لتقديم خدمات محددة مقابل أجر محدد.
- عقد الوكالة: عقد يقيم بمقتضاه الموكل الوكيل مقام نفسه في تصرُّفٍ نظاميٍّ.
- عقد الإيداع: عقد يحفظ بمقتضاه المودع لديه مال المودع على أن يرده بعينه.
- عقد الحراسة: عقدٌ يتولى بمقتضاه الحارس حفظ مالٍ متنازع فيه وإدارته ورده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه.
- عقد الشراكة: يتم بموجبه تشكيل شراكة بين شخصين أو أكثر للقيام بنشاط تجاري مشترك، حيث يتم توزيع الأرباح والخسائر وفقًا للاتفاق المبرم بين الشركاء.
- عقد المضاربة: عقد يسلم رب المال بمقتضاه مالًا لمن يعمل فيه بجزء شائع من الربح.
- عقد الكفالة: عقدٌ يلتزم بمقتضاه الكفيل للدائن بأن يفي بالتزام على المدين إذا لم يَفِ به المدين نفسه.
- عقد التأمين: عقد يتم بين شركة التأمين والمؤمن له، حيث يتعهد المؤمن له بدفع مبلغ معين كمقابل لحماية أو تعويض محدد في حالة وقوع حادثة أو حدوث خسارة محددة.
الاسئلة الشائعة
ما هي الأهداف التي يسعى إليها نظام المعاملات المدنية؟
يهدف نظام المعاملات المدنية الجديد السعودي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، منها: تحقيق العدالة وسيادة القانون، حماية وضمان استقرار التعاملات الفردية والعقود بشكل عام، تشجيع الاستثمار وتنمية الاقتصاد، تسهيل الإجراءات القانونية وتحقيق السرعة في الفصل في المنازعات، تعزيز الشفافية وضمان حسن سير العدالة.
ما هي العقود المسماة التي تشملها نظام المعاملات المدنية؟
هناك عدة أنواع من العقود المسماة في نظام المعاملات المدنية بالمملكة العربية السعودية، وتنقسم العقود المسماة إلي العقود الواردة علي الملكية، والعقود الواردة على المنفعة، والعقود الواردة على العمل.