تعد حماية براءة الاختراع من عوامل تطور البلدان والمجتمعات الناهضة اقتصاديًا، إذ تقتصر بعض البلدان المتقدمة اقتصاديًا كألمانيا واليابان وفرنسا على قانون حماية براءات الاختراع،
وتشير البراءة إلى براءات الاختراع فقط، كما في اتفاقية باريس يتم التعامل مع البراءات كمعاملة نماذج المنفعة والتصاميم الصناعية.
إن الهدف من البراءة هو حماية الحل التقني الذي أنتجه الاختراع، فعندما تكون هناك مشكلة تقنية ما يواجهها المستخدمون أو الأشخاص بشكل عام وتؤثر على نشاطهم الاجتماعي والاقتصادي على وجه التحديد فإنها تكون تحديًا لا بد من حله،
وهنا يأتي دور المخترع الذي يفكر في كيفية عمل قوانين الطبيعة وقواها ومن خلالها يتم ابتكار اختراع ما، فما يجب تمييزه هو أن الاختراع يكيّف ويسخر قوانين الطبيعة لإنتاج حل ما، ولا يكون أثر أو نتاج هذا الحل يعمل نفس عمل القانون الطبيعي،
وأبسط مثال على ذلك هو كقانون فيزيائي فإن الجسم يطفو على سطح الماء ويكون الطفو مساويًا لوزن الماء الذي يزيحه الجسم، هذا لا يعد اختراعًا لأنه قانون فيزيائي طبيعي،
ولكن العقول البشرية المخترعة استفادت من معطيات هذا القانون الطبيعي واخترعت السفينة، ووجود هذا الحل التقني الذي يوافق عمله مسار القوانين الطبيعية كوسيلة للتنقل في البحر يعد اختراعًا موجبًا للحماية في حينها.(١)
المحتويات
براءات الاختراع:
وهي حق استئثاري يمنح نظير اختراع وبشكل عام، تكفل البراءة لمالكها حق البت في طريقة أو إمكانية استخدام الغير للاختراع، ومقابل ذلك الحق يتيح مالك البراءة للجمهور المعلومات التقنية الخاصة بالاختراع في وثيقة البراءة المنشورة.
وعلينا أن نفرق بين الاختراع وبين براءة الاختراع، فالاختراع هو:
الفكرة التي يتوصل إليها المخترع وينتج عنها حلًا لمشكلة معينة في مجال ما، وخصصه النظام بالمجال التقني.
أما البراءة فهي: وثيقة الحماية التي تصدرها الهيئة وتخول لمالكها حقًا استئثاريًا في منع الآخرين من استغلال اختراعه بدون موافقته.
نموذج المنفعة:
تساهم نماذج المنفعة بحماية الابتكارات الصغيرة التي تخدم أغراض نفعية معينة ولكن لا ترقى لدرجة الابتكار، وهي ما تسمى بالبراءات المصغرة أو الابتكارات،
وهي إما أن تعد مكملة للاختراع وإما أن تكون لمنفعة متعلقة باختراع موجود أساسًا فيستحيل أن تعد اختراعًا بحد ذاتها، اتجهت بعض الدول مثل ألمانيا واليابان وكوريا لحماية نماذج المنفعة من خلال تشريعات متخصصة،
بينما هناك دول كالصين تضمن نصوص الحماية لنماذج المنفعة في نظام البراءات، وبالنسبة للمملكة فلم يتطرق نظام البراءات لنماذج المنفعة، بينما هناك مشروع لائحة قيد الدراسة يخصها.
شروط منح براءة الاختراع:
أولًا – جدة الاختراع:
يقصد بشرط الجدة هو أن يكون الاختراع جديدًا، لم يسبق للغير العلم به قبل التقدم بطلب الحصول على البراءة ويكون جديدًا إذا كان غير مسبوق من حيث الحالة التقنية السابقة،
ويقصد بالتقنية السابقة في هذا المجال كل ما تحقق الكشف عنه للجمهور في أي مكان بالوصف المكتوب أو الشفوي أو بطريق الاستعمال، أو بأي وسيلة أخرى من الوسائل التي يتحقق بها العلم بالاختراع، وذلك قبل إيداع طلب منح البراءة أو طلب الأسبقية (مادة 44)
ثانيًا – ابتكارية الاختراع:
يتعين أن يكن الاختراع منطويًا على خطوة ابتكارية ليتم توفير الحماية له وفق النظام، ويقصد بها الابتكارية التي لا يتيسر لرجل المهنة العادي التوصل إليه بصورة بديهية نتيجة التقنية السابقة المتصلة بطلب البراءة
ثالثًا – قابلية الاختراع للتطبيق الصناعي:
ما يعني أن الاختراع إن لم يكن ممكن التطبيق فلا تتوفر له الحماية، لأن الحماية هي مترتبة على الأثر الذي ينتجه الاختراع بعد تطبيقه والاستغلال الصناعي له، فمتى ما توفرت إمكانية التطبيق للاختراع وإمكانية استغلاله صناعيًا صح أن يمنح البراءة لأن الاقتصار على الاكتشافات النظرية غير القابلة للتطبيق لا يحدث أي أثر اقتصادي ولا يحقق المنفعة.
رابعًا – مشروعية الاختراع:
كذلك لا بد أن يكون الاختراع مشروعًا غير مخالف لضوابط عامة وآداب شرعية أو غير محظور لدواعي صحية كونه مضرًا بالحياة والبشر والبيئة بشكل عام، فالاختراعات التي تنطوي على مسكرات أو محظورات عامة كتزوير النقود والوثائق لا يمكن منحها براءة الاختراع، وإذا صدرت فتعد وثيقة الحماية باطلة ويختلف البطلان متى كان جزئيًا أو كليا بالنظر لكون المخالفة جزئية أو كلية، فقد يكون الاختراع ينطوي على فكرة منفعة مشروعة لكنها تتردد بين المشروع والمحظور، فحينها ينظر للاستغلال إذا كان مشروعًا منحت البراءة وإذا كان محظورًا فيحظر منحها.
ما لا يعد اختراعًا:
أ- الاكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية.
ب- مزاولة الأعمال التجارية وقواعدها وأساليبها أو ممارسة الأنشطة الذهنية المحضة أو لعبة من الألعاب.
ج- النباتات والحيوانات والعمليات التي في معظمها حيوية المستخدمة لإنتاج النباتات، يستثنى منها الأحياء الدقيقة
د- طرق معالجة جسم الإنسان أو الحيوان جراحيًا أو علاجيًا وطرق تشخيص المرض المطبقة على جسم الإنسان أو الحيوان ويستثنى منها المنتجات التي تستعمل في أي من تلك الطرق. المادة (٤٥).
كيف يمكن توثيق الحماية لموضوع الاختراع؟
يكون ذلك عن طريق (وثيقة الحماية) وهي التي تمنحها الهيئة السعودية للملكية الفكرية لموضوع من موضوعات الحماية بشكل عام، أي أن الوثيقة إما أن تكون براءة اختراع، شهادة تصميم صناعي، براءة نباتية، شهادة نموذج صناعي.
وحددت المادة الرابعة من النظام شروط منح هذه الوثيقة:
أ- ألا تمنح إذا كان استغلالها تجاريًا مخالفًا لأحكام الشريعة.
ب- لا تمنح إذا كان استغلالها تجاريًا فيه ضرر بالحياة أو الصحة البشرية والحيوانية أو النباتية أو مضرًا إضرارًا كبيرًا بالبيئة.
ملكية البراءة:
حق للمخترع نفسه:
تكون ملكية البراءة بشكل عام حق خاص بمن صدرت باسمه، وباعتبارها من الحقوق فإنه تنتقل بالميراث وبعوض أو بغير عوض.
حق للمشتركين في الاختراع:
إذا كان موضوع الحماية عملًا مشتركًا لعدة أشخاص يؤول الحق إليهم جميعًا بالتساوي مالم يتفقوا على خلاف ذلك.
ولا يعد مشتركًا من لم يسهم بجهد في موضوع الحماية وكان دوره المساعدة في التنفيذ فقط.
حق لصاحب العمل:
إذا كان المخترع متعاقدًا مع جهة عمل فإن ملكية البراءة تؤول إلى صاحب العمل مالم يكن منصوصًا في العقد غير ذلك، ويقيد حصول صاحب العمل على ملكية البراءة بشروط (المادة 6 من النظام):
١- أن يكون موضوع الحماية ناتجًا عن تنفيذ عقد أو التزام مضمونه إفراغ الجهد فيما تم التوصل إليه
٢- إذا أثبت صاحب العمل أن العامل لم يتوصل إلى موضوع الحماية إلا نتيجة استخدام الإمكانات أو الوسائل أو البيانات التي أتاحها له العمل.
ولا يخل ذلك بحق العامل في الحصول على مكافأة يتم الاتفاق عليها، أو تقدرها اللجنة بناء على ظروف عقد العمل وأهمية الاختراع من الناحية الاقتصادية، ويبطل أي اتفاق خاص يحرم العامل من هذا الحق وذلك حسب الفقرة (ب) من المادة السادسة.
وإذا تقدم العامل بطلب الحصول على وثيقة الحماية خلال سنتين من تاريخ ترك خدمته لدى صاحب العمل فيعد الطلب كأنه حصل أثناء الخدمة فتؤول الملكية إلى صاحب العمل.
وتطبق هذه الأحكام على العاملين في الجهات الحكومية وإذا كان موضوع الحماية الذي تم التوصل إليه يتعلق بالأمن الوطني.
وفي كل الأحوال يتم الحفاظ على الحق الأدبي للمخترع أو من توصل إلى موضوع الحماية بذكر اسمه بصفته المخترع في وثيقة الحماية.
الآثار القانونية المترتبة على منح براءة الاختراع:
تعد البراءة منشئة للحق استئثاري، يخوّل لمالك البراءة كما ذكرنا في (الاستغلال البراءة – التصرف في البراءة)
حقوق مالك براءة الاختراع:
١- احتكار استغلال البراءة:
ويعني أن مالك البراءة يكون له حق الاستئثار باستغلال البراءة بطرق مشروعة، كالصناعة والإنتاج والبيع، أو منح الغير وترخيصه لاستغلال البراءة، ويلاحظ أن هذا الحق الاستئثاري مؤقت وذلك لكون موضوع الاختراع يعود لمصلحة اقتصادية وتقنية للمجتمع وليس من المنطق احتكاره لمصلحة المخترع على التأبيد، لذا رتب النظام مدة حماية لجميع حقوق الملكية الفكرية، بما فيها براءة الاختراع والتي حددها بـعشرين سنة.
التصرف في البراءة:
بما أن وثيقة الحماية قد صدرت فإن ملكية الاختراع تخول صاحبها للتصرف فيها من خلال: (التنازل – الرهن – الترخيص للغير بالاستغلال)
رهن براءة الاختراع:
يجوز لمالك البراءة رهنها ضمانًا للوفاء بديونه كسائر الحقوق المملوكة للشخص بشكل عام، ويكون ذلك بتعاقد بين الطرفين بحيث أن المرتهن في حالة عدم وفاء مالك البراءة بما عليه من ديون يمكنه التنفيذ على البراءة ببيعها لاستيفاء ما عليه من دين.
الترخيص للغير بالاستغلال (الترخيص التعاقدي):
يسمح لمالك البراءة ترخيص الغير لاستغلال البراءة وهي طريقة سهلة للاستثمار وجني عوائد مقابل استغلال البراءة، وذلك لمدة معينة تتضمن المدة النظامية لحماية البراءة، ولقاء مقابل يتفق عليه الطرفين.
الترخيص لا يسلب المرخص (صاحب الاختراع) حقه في ملكية البراءة ونسبتها إليه، وعليه يبقى له الحق في الاستغلال وغيرها مما يرتبه النظام من حقوق كترخيص طرف آخر أيضًا والتنازل عن البراءة،
فلا يتأثر الحق الأصلي بمنحه للغير، إلا إذا كان هناك منع للاستغلال خلال فترة الترخيص بموجب العقد.
أما بخصوص المرخص له فإن النظام في مادته السابعة والأربعون قد حدد نطاق الأعمال المصرح له بها فالترخيص بالاستغلال يخوله صناعة المنتج محل الاختراع والاستيراد والتصدير والعرض للبيع والاستعمال والتخزين بغرض الاستخدام أو الأعمال التجارية، لكن الحقوق المتصلة بصاحب الحق الأصلي لا تندرج ضمنها، كالتنازل والرهن، لأنه حق شخصي لا عيني.
وليكون عقد الترخيص الرضائي نافذًا أوجبت المادة 21 من النظام تقييد العقد في سجلات هيئة الملكية الفكرية، وسداد الرسوم المالي المقرر لذلك (400 ريال للأفراد – 800 للمؤسسات)
التنازل عن البراءة:
يحق لمالك البراءة التنازل والتخلي عنها، بحيث تصبح مالًا عامًا ينصب في خدمة المجتمع فيجوز استغلاله من قبل الجميع دون أن يترتب على ذلك آثارًا قانونية، ودون أن يعد الاستغلال تعديًا.
وقد يكون التنازل جزئيًا أو كليًا، كالتنازل في جزء خاص بالاستغلال للبراءة مثلا، ويتم التنازل بتقديم طلب كتابي إلى هيئة الملكية الفكرية ، وليس من صور التخلي هو عدم استغلال البراءة من قبل المالك أو عدم التبليغ عن أي صورة من صور التعدي. (المادة 31 من النظام).
المصادر
نظام براءة الاختراع والتصاميم الصناعية
موقع هيئة الملكية الفكرية
موقع المنظمة العالمية للملكية الفكرية