إثبات الفصل التعسفي للعامل
تُبنى العلاقة العمالية على التراضي بين الطرفين ليتحقق الالتزام بالواجبات وأداء الحقوق على أتم وجه، لذا كان نظام العمل حريصًا على توجيه هذا التعاقد لحماية الطرف الأضعف وهو العامل،
ولم يهمل النظام حماية العامل وتقييد صاحب العمل في استخدام سلطته فحدد الحالات التي يجوز فيها إنهاء العقد سواء بإرادة الأطراف أو لظروف خارجة عن الإرادة،
إلا أن أصحاب العمل قد يسيؤون استخدام هذه السلطة ويلجؤون للفصل التعسفي، فما هو مفهوم الفصل التعسفي وكيف يمكن إثباته؟
المحتويات
ما هو الفصل التعسفي؟
يعني الفصل التعسفي للعامل هو استخدام صاحب العمل سلطته على العامل (الحلقة الأضعف في العلاقة العمالية),بطريقة جائرة وغير عادلة؛
مما يعني أنه أساء استخدام هذه السلطة التي هي نتيجة للعلاقة التعاقدية بينه وبين العامل، وكثيرًا ما يواجه العاملون في مختلف القطاعات والمهن هذه المشكلة،
وتعود أسبابها إلى الخطأ في فهم الطبيعة التي يجب أن تحكم العلاقة التعاقدية بشكل عام، والإساءة في استخدام النفوذ واستغلال ضعف الطرف الثاني وجهله بالقانون أو حاجته للتمسك بعمله رغمًا من الظروف التي يواجهها.
يجب أن تفهم كموظف إن طبيعة التعاقد حتى في العلاقة العمالية لا تعني الخضوع، بل تعني التقاء الإرادات لموضوع التعاقد وقبولهما؛ ما يعني أن العلاقة التعاقدية يحكمها التراضي وليس الإكراه،
سواء في بداية التعاقد أو عند الرغبة في إنهائه، فلا يحق لصاحب العمل فصلك بدون تبرير أو إخطار قبلها بأسباب الفصل وإلا كان فصله تعسفيًا ودون أي وجه حق،
ويحرص المشرّع في نظام العمل أن تحكم صاحب العمل قواعد تقنن وتقيّد من سلطته وتحميك كعامل وتحفظ حقوقك طالما أنك تقوم بواجباتك والتزاماتك على أكمل وجه ودون أي تقصير.
وفي المقابل إذا كنت مقصرًا أو جاهلًا بحقوق صاحب العمل وغير مبال، فإن النظام قد حرص أيضًا على وجود حل عادل لمواجهة مثل هذا.
كيف يمكنك معرفة ما إذا كنت تواجه فصلا تعسفيًا أو إنهاء مشروعًا؟ وما الذي يجب عليك عمله حينها؟
تعريف الفصل التعسفي في النظام؟
لم يحدد النظام تعريفًا واضحًا للفصل التعسفي وإنما ذكر حالات إنهاء العقد النظامية في مواد محددة، فيمكننا القول أن الفصل التعسفي هو كل تصرف من صاحب العمل لإنهاء التعاقد بما يخالف ما ذكر في الحالات التي يجوز فيها إنهاء العمل في المادتين ( 74–75 ).
أي أن الفصل التعسفي للعامل هو ما يقع بالمخالفة لما ورد في المواد التي تناولت حالات إنهاء العقد بالتراضي كأن يفصلك صاحب العمل دون معرفتك ورضاك ودون ارتكابك لأي مخالفة واردة في المادة (80) تشرع له فصلك بسببها، أو إنهاء العقد دون موافقتك الكتابية، وغيرها من الحالات.
حالات الفصل التعسّفي
- حالة الفصل لأسباب تتعلق بالتمييز العنصري سواء التحيز لعرق أو لجنس معين.
- الفصل لعداوات تعود لأسباب شخصية لا علاقة لها بالعمل ولا بالأداء أو وقوع العامل في مخالفات تستلزم إيقاع العقوبة عليه.
- حالة الفصل التعسفي بدون مبررات أو توجيه إنذارات بشكل نظامي للعامل بسبب تقصيره أو إخلاله بواجباته ودون توضيح أسباب الفصل أو إمهاله وإعطائه فرص لإصلاح الخلل.
- الفصل التعسفي نتيجة لعدم خضوع العامل لأوامر غير منصفة كإجبار صاحب العمل العامل على أخذ إجازة في وقت محدد من السنة لتقليل التكاليف، أو إجباره على العمل في الإجازات الرسمية دون مقابل أو فرض أمور لا يجيدها ولا تدخل في نطاق عمله عليه ليتم فصله لعدم تمكنه من أدائها.
إثبات الفصل التعسفي للعامل؟
على من يقع عبء إثبات الفصل التعسفي؟
كقاعدة عامة يقع عبء الإثبات على المدعي والمطالب بالحق، ويعد العامل هنا هو من يدعي حصول الفصل التعسفي، وعليه يطالب أمام القضاء بإحضار البينة تثبت فصله تعسفيًا، لذا لا بد أن تكون مستعدًا لإثبات ذلك.
ويتيح النظام إثبات الفصل التعسفي بجميع طرق الإثبات الممكنة بما فيها اليمين وشهادة الشهود؛ ولا فرق بين إذا كان الفصل التعسفي قد وقع على عامل وافد أو مواطن، وإذا كان التبليغ بالفصل برسائل نصية أو واتس أو أي وسيلة يمكن الاحتفاظ بها وتقديمها كبينة، كما يمكن إثبات الفصل التعسفي
إذا حرم العامل من دخول مقر العمل دون تبرير بإلغاء البصمة مثلا، أو إلغاء تصريح دخوله للمنشأة أو منعه فعليا من الدخول ووجود شهود على ذلك، أو عدم تمكينه من أداء عمله بطرده من مقر عمله أثناء ساعات الدوام أو نقل مكتبه أو أجهزته لموظف جديد أو أي تصرف يدل على الاستغناء والإبعاد عن مقرات العمل بدون أي تبرير للموظف أو إخطاره مسبقًا،
كذلك تعد رسائل البريد الإلكتروني بينة إذا كان صاحب العمل قد أرسل للعامل بلهجة واضحة أنه مفصول من العمل قبل انتهاء مدة عقده وأثناء سريان العلاقة العمالية، كما أن الإجبار على توقيع أي ورقة للتنازل عن الحقوق والتهديد بالحرمان منها وترك العمل يعد من قبيل الفصل التعسفي غير المشروع.
إقرأ أيضا / صيغة استئناف حكم دعوى عمالية في السعودية
أسباب الفصل التعسفي للعامل
اللجوء لفصل الموظف تعسفيًا قد يكون من أكثر أسبابه انتشارًا هو جهل أصحاب العمل بالنظام وعدم معرفتهم بما قد يتكبدوه من عناء جراء مخالفته والإخلال به؛
ومنها ما يكون بسبب تهرب صاحب العمل من الوفاء بالالتزامات المترتبة على عاتقه عمدًا وعدم رغبته في تأدية الحقوق لأصحابها، فيعتقد أنه بفصل العامل سيحرمه من مكافأة نهاية الخدمة أو تعويضه عن باقي مدة العقد أو أي حق يترتب له، ولهذا يجب أن تكون كموظف واعيًا بحقوقك وعلى دراية وعلم بالأنظمة والحماية التي تهيأها لك،
إحرص على الإطلاع وإستشارة ذوي الإختصاص من المحاميين والقانونيين لفهم مركزك القانوني وما لك وما عليك.
وأخيرًا، فإن حالات الفصل التعسفي للعامل الوافد وغيره، وإنهاء العقد تختلف باختلاف مدة العقد وطبيعة العمل ولذا لا بد عليك كموظف أن تكون على دراية وإلمام بتفاصيل النظام وكيف تتمكن من حفظ حقوق والقيام بواجباتك دون إخلال حتى لا يقع عليه ضرر من الإنهاء غير المشروع،
وإذا وقع الضرر فعليك أن تتوجه للقضاء ورفع دعوى على صاحب العمل للمطالبة بمستحقاتك من مكافأة نهاية الخدمة أو التعويض عن باقي مدة العقد وغيرها من حقوق وتعويضات مترتبة لك، وللحصول على استشارة حول المنازعات العمالية يمكنك التواصل معنا.